محاولات التنظيم الدولي للتحرك ولململة الشتات ولكن الضربات المتتالية الأخيرة أكدت تآكل الأذرع المؤثرة.وتسعى جماعة الاخوانية الإرهابية للبحث عن أرضي خصبة، بعدما انقلب عليها من أسمتهم حلفاءها، بالتزامن مع صراعات كبيرة داخلياً، وهو الأمر الذي كاد يقضي عليها، مع تزايد الاتهامات والتراشق الإعلامي بين جبهتي محمود حسين الأمين العام السابق، وجبهة إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد، بعد عزل الأولى لمنير، من منصبه وفصله وأعضاء الجبهة نهائياً.
ومؤخراً أعلنت جبهة محمود حسين بتشكيل مجلس شورى جديد، وهو الأمر الذي رفضته الجبهة الأخرى، وطالبت بعقد البيعة لمنير، بهدف الحفاظ على تماسك الإخوان، مهما كانت الظروف.وعلى مدار العام الجاري، تزايدت جراح التنظيم الدولي، بشكل يوحي بانتهاء تجربتهم في العالم العربي، وهو بالطبع ما ستكون له تداعيات، والتحرك نحو دول أوروبا بالاعتماد على الحواضن والمراكز الإسلامية التابعة للتنظيم.
الأمر تدركه الدول الغربية جيدًا، وهو ما أكدته تحركات الحكومة الألمانية، بتاريخ 19 سبتمبر، بنشر خمس مقترحات لجلسة لجنة الشؤون الداخلية والوطنية المتعلقة بقضية الإسلام السياسي، وهي: الإسلام السياسي والمتشدد ظاهرة واحدة، يجب الفصل في محاربة الإسلاميين المتشددين بين السنة والشيعة، يجب منع أي تأثير ديني سياسي يأتي من الشرق الأوسط، يجب وضع استراتيجية شاملة للتعامل مع الإسلام السياسي، والوقوف بصلابة امام مخطط نشر أفكار الإسلام السياسي في الأوساط الألمانية.
وفي أول تحرك أعلن المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا، طرد جميع المنظمات الإخوانية من صفوفه، وتجريد القيادي الإخواني إبراهيم الزيات، المعروف بـ"وزير مالية الإخوان في ألمانيا"، من كل مناصبه داخل الاتحاد.وقائمة المنظمات الإخوانية تتضمن قائمة المنظمات التي أعلنها المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا، المركز الإسلامي في ميونيخ واتحاد الطلبة التابع للإخوان. واتخذ المجلس هذه القرارات، عقب الانتخابات التي نظمها، وبعد الاتفاق على توجهات جديدة بشأن إقصاء المنظمات التابعة لجماعة الإخوان، التي تستغل وجودها داخل المجلس لصالح أنشطتها.
وليس هذا القرار الأول للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بشأن تحجيم وجود الإخوان، حيث أعلن في 31 يناير الماضي، إنهاء علاقته بأهم أعضائه المؤسسين "التجمع الإسلامي الألماني"، بعد أن صنفته الاستخبارات الألمانية "جزء من الشبكة العالمية للإخوان". وكان المجلس قد أسقط عضوية التجمع الإسلامي خلال 2019.ضربة وزير مالية الإخوان.أكثر تلك الضربات إيلاماً للجماعة، سقوط وزير ماليتها إبراهيم الزيات، فهو صهر مؤسس الإخوان المسلمين في تركيا نجم الدين أربكان، وهو صاحب الاسم الأشهر المدرج في كل التقارير الاستخباراتية الألمانية الأخطر في التنظيم الدولي للإخوان عالميا.
وتولى الزيات، رئاسة الجمعية الإسلامية في ألمانيا عام 2001 بعد "غالب همت"، وهو من أصل مصرى من ناحية الأب، وأمه ألمانية، ويعيش بألمانيا، ورغم أنه ترك رئاسة الجمعية الإسلامية إلا أنه موجود بشكل دائم ضمن التقارير الدولية عن الإخوان المسلمين، لما تثيره أقواله المحرضة مثل: "الوقت مبكر لضرب الكفار ولكن آجلًا أم عاجلًا سنضرب أعداء الله والإسلام".ويتخوف مراقبون من تأثيرات ضربة الزيات، لترسخ التنظيم في عدد من الدول الأوروبية، وهو الأمر الذي يستلزم تعزيز استراتيجيات كبيرة من قبل كل دول القارة لمواجهة التنظيم الذي أصبحوا أكثر نفوذا داخل هذه القارة الغنية.
يقول تقرير نشرته صحيفة المشهد العربي، عن وضع حزب الإصلاح اليمني ذراع الجماعة الإرهابية، إن التنظيم لجأ مؤخراً إلى إثارة فقاعات سياسية لا جدوى منها، في محاولة لبعثرة الأوراق وخلطها سياسيا.البداية كانت مع تلويح حزب الإصلاح بخروجه خارج إطار التوافق الذي تحقق في مشاورات الرياض وما أفضت إليه من خطوات سياسية وإدارية، وفي وقت لاحق، أعلن تنظيم الإخوان الإرهابي تجميد هذا التلويح، وهو ما روجت له منصات إعلامية تابعة للتنظيم بشكل مباشر أو تميل بالولاء له بحثا عن مكاسب ونفوذ.
في كلتا الخطوتين، حاول الإعلام الإخواني إظهار الأمر على أنه سيحمل تغييرات في المشهد السياسي والعسكري، لكن في واقع الحال فهذا غير صحيح بالمرة. فعند إعلان تنظيم الإخوان الإرهابي التلويح بالانسحاب لم يتغير أي شيء بل على العكس زاد حجم الضغوط على التنظيم فزادت خسائره في أنحاء شتى وتحديدا في شبوة وأبين امتدادا إلى المهرة وحضرموت.
وتابع التقرير، أراد تنظيم الإخوان صناعة هالات وفقاعات سياسية، لكن من الواضح أنه فشل أيضا في هذا المخطط، فلجأ إلى الإعلان إنهاء هذا التلويح بالانسحاب على حد ما نشرته وسائل إعلام تابعة له خلال الساعات الماضية.وتكشف هذه التطورات أن حجم الضغوط التي يتعرض لها تنظيم الإخوان ربما تكون غير مسبوقة، فالتنظيم يخسر الأرض كما يخسر في السياسة، وهو أمرٌ سيكون له مردود إيجابي جدا على واقع ومسار قضية الجنوب اليمني.
واختتم التقرير، ترويج إعلام الإخوان للتراجع عن التهديد يمثل إقرارا بفشل التنظيم في محاولة تحريك ورقة الضغط السياسي، فلم يعد أمامه على الأرجح إلا محاولة إبقاء نفسه طرفا سياسيا وإن كان غير مرغوب فيه، مع توسيع دائرة انتهاكاته على الأرض، وهو ما تجلى في الاعتداءات على مواطني وادي حضرموت في الساعات الأخيرة.المواجهة مستمرةومع تتالي السقوط الكبير، يرى مراقبون أن التنظيم الإرهابي لن ييأس عن محاولات العودة، فهو قائم رغم كل هذه التحركات، وهو ما يستلزم مواجهة شاملة من كافة مؤسسات الدولة.
ويحاول التنظيم في الوقت الحالي البحث عن أرض خصبة للتواجد، وهو ما تؤكده دراسة أعدتها الباحثة في شؤون الجماعات السياسية الدينية إيرينا تسوكرمان، تشير إلى أن التنظيم سيستغل تحركاته على مدار سنوات، وسعى إلى توسيع تواصلهم مع حكومات في جنوب شرق آسيا، وتحقيق شراكات مع هذه الجماعات.
وأوضحت الدراسة أن تنظيم "الإخوان" نجح في نقل سرديات وأيديولوجيات هذا التنظيم إلى دول أخرى ذات كثافة سكانية عالية، عبر التأثير على برامج حكومات تلك الدول، خاصة في جنوب شرق آسيا وأفريقيا والغرب.
ويشهد الغرب في الوقت الحالي عودة مثيرة لتنسيق نشط يؤثر فيه الإسلام السياسي، مشيرة إلى أنه رغم أن أمريكا لا يوجد فيها "أحزاب إسلامية"، إلا أن هناك مرشحين للاستحقاقات السياسية داخل الأحزاب التقليدية يحملون برامج "الإسلام السياسي" مدعومين بمنظمات تعمل واجهة للإخوان المسلمين.وتناولت الدراسة هيكلة وتمويل وآليات الإنفاق لدى الإخوان المسلمين، مؤكدة أن إحدى النتائج التي توصلت إليها كانت أن التنظيم يستخدم نفس الأسلوب في الحصول على التمويل أيا كان مكان نشاطه.
ويعتمد التنظيم يعتمد في مرحلة أولى وبصفة أساسية على الروابط الأسرية ثم الأيدولوجية فالثقافية مع سلطة مطلقة لرأس الهيكل، تمنحه التدخل كيفما شاء وسط قيادة هرمية توجه الأعضاء، تتشكل عادة من خمسة مقربين، جزء من أعمالها مركزي والآخر غير مركزي تحت إشراف المرشد الأعلى الذي يوجه الأعضاء الذين يختارهم بنفسه للإشراف على عملية الحصول على الأموال وإنفاقها.
وكشفت تقارير متتالية، عن هجرات كبيرة لعناصر الإخوان من دول الاستقرار إلى دول أخرى في ظل التقاربات الإقليمية بين مصر وعدد من الدول، وهو الأمر الذي تخشاه الجماعة وعملت على مدار سنوات لإفشاله. ويعتمد التنظيم في ذلك على الروابط العائلية، والتمويل والتجنيد والمراكز الإسلامية، حواضن جديدة، بالإضافة إلى استغلال برامج الدول التي تعتمد في إدارة شؤونها على أجندات ترى في الإسلام وسيلة سياسية، بحسب تسوكرمان.
تعليق