تونس لا يزال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، منذ الخامس والعشرين من يوليو 2021، يراهن على أن حكم الرئيس التونسي قيس سعيد سيسقط بالرغم من الخطوات التي قطعها الأخير في تثبيت نفسه من ناحية وتهميش حركة النهضة والغنوشي من ناحية ثانيةوبعد أن فشلت تحركات الغنوشي وتصريحاته واتصالاته ولقاءاته الداخلية والخارجية بدأ يلوم التونسيين على عدم إسقاط قيس سعيد وفق الطريقة التركية، أي الخروج إلى الشوارع لمنع إغلاق البرلمان والحؤول دون حل حكومة هشام المشيشي التي كانت حركة النهضة تتخفى وراءها في معركتها مع الرئيس التونسي.
وقال مراقبون تونسيون إن تشبيه حالة تونس بحالة تركيا يظهر أن الغنوشي مغترب عن واقعه ويقيس كل الأحداث والمواقف على ما يجري في تركيا بحكم علاقته بالرئيس رجب طيب أردوغان الذي يعتقد الإسلاميون أنه صديقهم وحليفهم بالرغم من تخليه عنهم خلال مساعيه لإعادة العلاقات مع الخليجيين ومع مصر، وهو يمكن أن يبيع أي حليف بمن في ذلك الغنوشي إذا اقتضت مصالحه ذلك.
وأشار المراقبون إلى أن ما جرى في تونس قبل عام غير ما جرى في تركيا، بل مختلف عنه جذريا؛ فالرئيس سعيد لم يلجأ إلى قوات الأمن والجيش لإعلان إجراءاته التي من بينها تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب، وإنما اتخذ قراراته بصفته رئيسا شرعيا ووفق تأويل للدستور لقي دعما واسعا لدى فئات وشخصيات بعضها كان حليفا للنهضة في حكوماتها المختلفة.
وتساءل المراقبون: كيف يطلب الغنوشي من التونسيين الذين انتخبوا قيس سعيد بأغلبية كبيرة في انتخابات أكتوبر 2019 ودعموا ثقتهم به في استفتاء الخامس والعشرين من يوليو الماضي أن ينزلوا إلى الشوارع لحماية برلمان لم يخرج للدفاع عنه سوى الغنوشي وحده في صورة لقيت انتشارا واسعا لتقنع العالم بأن البرلمان المنحل لم يكن معبرا عن الناس ومصالحهم وإنما كان غطاء للدفاع عن مصالح الأحزاب والكتل البرلمانية دون سواها.
وأعلن الرئيس التركي في الليلة الفاصلة بين الخامس عشر والسادس عشر من يوليو 2016 عن إفشال محاولة الانقلاب ومصرع العشرات من الأشخاص، ثم تبعت ذلك حملة قادت إلى اعتقال الآلاف من الأتراك (جنود، قيادات في الجيش وسلك الأمن، رجال تعليم ) تحت شعار تفكيك الكيان الموازي الذي تتهمه أنقرة بقيادة محاولة الانقلاب الفاشلة. وتعرض هؤلاء المعتقلون لمحاكمات سريعة اعتبرتها منظمات حقوقية محاكمات جائرة لا تتوفر فيها ضمانات المحاكمة العادلة ولم يكن قرار قيس سعيد القاضي بتجميد البرلمان ثم حله قرارا مسقطا؛ فقد تتالت قبل يوليو 2021.
تعليق