اعتقلت السلطات التركية الثلاثاء عشرات الأشخاص بينهم أعضاء في حزب الشعوب الديمقراطي، في خطوة جديدة ضمن حملة القمع الممنهجة والمستمرة ضد الأكراد المعارضين للحزب الحاكم في تركيا تحت ذريعة الاشتباه في صلاتهم بجماعة إرهابية.
وتأتي ممارسات القمع المستمرة بحق المعارضين الأتراك في وقت تتآكل فيه شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم نتيجة سياساته الفاشلة في إدارة البلاد، ما يقلل حظوظه في كسب أغلبية كاسحة بالانتخابات البرلمانية القادمة.
ويشن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ سنوات حملة ممنهجة لتصفية خصومه السياسيين بدعوى دعم منظمة إرهابية، وهي التهمة التي يتذرع بها في إقالة المسؤولين المحليين من معارضيه.
كما وظّف الرئيس التركي في السابق محاولة الانقلاب الفاشل في صيف 2016 للقيام بحملة تطهير واسعة شملت اعتقال وتسريح آلاف الموظفين والعسكريين والأمنيين والإعلاميين.
وفي هذا الإطار قال متحدث باسم الحزب لوكالة الأنباء الألمانية، إن "السلطات التركية ألقت اليوم الثلاثاء القبض على 33 شخصا، بينهم أعضاء في الحزب، بتهمة وجود صلات بينهم وبين جماعة إرهابية".
وذكرت وكالة الأناضول التركية أن قوات الأمن داهمت ما يقرب من 30 عنوانا في مدينة غازي عنتاب جنوب شرقي البلاد فجرا، مضيفة أن الشرطة صادرت وثائق قالت إنها تخص منظمة 'حزب العمال الكردستاني'، المصنفة رسميا جماعة إرهابية.
وأوضح المتحدث باسم 'حزب الشعوب الديمقراطي' الموالي للأكراد أن من بين المعتقلين، ومعظمهم ناشطات سيدات.
وتتهم الحكومة التركية حزب الشعوب وهو حزب قائم في تركيا بصفة قانونية، بالارتباط بحزب العمال الكردستاني المحظور. وينفي حزب الشعوب هذه المزاعم.
وتقوم الحكومة التركية بحملة استهداف بحق مسؤولي الحزب المنتخبين منذ الانتخابات المحلية التي جرت في مارس/آذار من العام الماضي، وقامت بإقالة 47 من رؤساء البلديات المنتمين للحزب وعينت مسؤولين آخرين مكانهم.
وفي يونيو/حزيران، جرى إقالة اثنين من نواب الحزب في البرلمان بعد أن أيد القضاء أحكاما صادرة بحقهما.
ويتعرض حزب الشعوب الديمقراطي الذي يتهمه أردوغان بالارتباط بحزب العمال الكردستاني، لحملة قمع شديدة منذ عام 2016 مع توقيف رؤسائه ونواب ينتمون إليه، فيما يشنّ حزب العمال تمرّداً انفصالياً مسلّحاً ضد أنقرة منذ العام 1984.
وكانت أنقرة قد أمرت قبل ذلك باعتقال 46 شخصا بينهم رؤساء بلديات سابقون ينتمون لحزب الشعوب الديمقراطي، بذريعة أنهم على صلة بجماعة إرهابية.
وانتشرت قوات الأمن التركية في جميع أنحاء محافظة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية ومناطق أخرى من إسطنبول. كما احتجزت ما لا يقل عن 42 شخصا للاشتباه في ارتباطهم بحزب العمال، وفق ما أفادت به وكالة الأناضول.
وتستهدف حملات الاعتقال الممنهجة المسؤولين المنتخبين في حزب الشعوب الديمقراطي، حيث أقالت الحكومة التركية رؤساء بلديات في أكثر من 45 بلدية يسيطر عليها الحزب المعارض في تركيا، واستبدلتهم بأمناء موالين لها.
وأنهكت السياسات القمعية التي تنتهجها الحكومة التركية، شريحة عريضة من المجتمع التركي، فيما تضررت أكثر أحزاب المعارضة من هذه السياسات، ما دفع بها إلى حالة كبيرة من الشعور باليأس أمام حزب حاكم لا يقبل المنافسة السياسية بأي شكل من الأشكال.
وارتفعت في تركيا مؤخرا حملات القمع التي الإعلام واُعتقل فيها الصحفيون، وتراجعت نسبة الإقبال على الانتخابات البلدية التي أجريت في مارس/آذار الماضي بحسب استطلاعات للرأي التي أظهرت أن معظم المتخلفين عن الانتخابات من أنصار حزب الشعب الجمهوري أبرز الأحزاب المعارضة، لأن حزب أردوغان انتهج سياسة قمعية أجبرتهم عن العزوف عن التصويت.
ويتشبث حزب العدالة والتنمية بسياساته الباهتة وغير المجدية في ظل استفحال القمع، فيما باتت تركيا اليوم من أكثر بلدان العالم التي تشن حملات اعتقال بحق أتراك، تحت ذريعة الاشتباه في صلاتهم بجماعات إرهابية، حيث طالت حملات القمع الصحفيين والسياسيين وكل من ينتقد سياسات أردوغان.
وذكرت مصادر إعلامية تركية أن عدد الصحفيين المعتقلين بالسجون هو الأعلى عالميا، مع تراجع مستمر لقطاع الإعلام منذ الانقلاب الفاشل سنة 2016.
وتحتل تركيا المرتبة 157 من أصل 180 في مؤشر حرية الصحافة الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود.
تعليق