بعيداً عن ضوضاء المدينة يحاول الكثير من الفرنسيين البحث عن حياة أفضل أكثر هدوءاً، فمع إمكانية العمل عن بعد لم يعد العيش في المدن الكبرى كالعاصمة باريس حلماً لدى الكثيرين، حيث أصبح التوجه اليوم أكثر للعيش في الأرياف وبالقرب من الطبيعة.
وتؤكد دراسة أجراها المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء انخفاض جاذبية المدن الكبيرة في عام 2022. فلقد غيرت الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد-19 من نمط حياة الناس وطريقة تفكيرهم بأولوياتهم.
حوالي نصف مليون شخص قرروا الاستقالة من وظائفهم بحثاً عن حياة مختلفة عن تلك التي كانوا يعيشونها في السابق، وفقاً لدراسة نشرتها وزارة العمل الفرنسية في 2022.
وكانت فرنسا قد شهدت خلال جائحة كوفيد-19 انتشاراً كبيراً للعمل عن بعد، حيث اضطر العديد من الشركات إلى تطبيق هذا النوع من العمل للحد من انتشار الفيروس وحماية موظفيها. وقد أدى هذا التغيير في طريقة العمل إلى انتقال عدد كبير من الفرنسيين من المدن الكبرى إلى المناطق الريفية.
ولم تنتهِ هذه الظاهرة بعد الخروج من الأزمة الصحية بل مازالت مستمرة، فهناك 20% من العاملين عن بعد في باريس ومحيطها يخططون لمغادرة منطقتهم خلال السنوات الخمس المقبلة وفقاً لدراسة أجراها مركز الأبحاث Forum Vies Mobiles. فيما غادر فعلاً 16% منذ بداية الأزمة في عام 2020.
وهو ما يشير إلى أن العمل عن بعد ليس فقط يمكن أن يكون فعالاً من الناحية الصحية، بل يمكن أن يتيح أيضاً للعاملين فرصاً للعيش في بيئات أكثر هدوءاً وجمالاً.
ومع ذلك، فإن هذا الانتقال إلى الريف لم يكن دائماً سهلاً، حيث إن البنية التحتية والخدمات في المناطق الريفية قد لا تكون متطورة بنفس الطريقة التي توجد بها في المدن الكبرى. وبالتالي، فإن هذا التحول إلى العمل عن بعد يتطلب أيضاً التأكد من توفر الخدمات اللازمة في المنطقة الجديدة، مثل الإنترنت السريع والمدارس والخدمات الصحية.
وفي النهاية، يمكن القول إن علاقة العمل عن بعد بترك الفرنسيين للمدن الكبرى خلال جائحة كوفيد-19 تشير إلى أن هذا النوع من العمل يمكن أن يكون فعالاً للشركات والعاملين على حد سواء، ويمكن أن يوفر للموظفين فرصاً للعيش في أماكن أكثر استقراراً.
تعليق